RISALAH 74
المقالة الرابعة والسبعون
فـيـمـا يـنـبـغـي لـلـعـاقـل أن يـســتـدل بـه
عـلـى وحـدانـيـة الله تـعـالـى
قـال رضـي الله تـعـالى عـنـه و أرضـاه : أول ماينظر العاقل في صفة نفسه و تركيبه ثم في جميع المخلوقات و المبدعات فيستدل بذلك على خالقها و بمدعها، لأن فيه دلالة على الصانع و في القدرة المحكمة آية على الحكيم، فإن الأشياء كلها موجودة به.
و في مـعـنـاه ما ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى : وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الارْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ.الجاثية١٣. فقال في كل شئ اسم من أسمائه و اسم كل شئ من اسمه، فإنما أنت بين أسمائه و صفاته و أفعاله، باطن بقدرته و ظاهر بحكمته، ظهر بصفاته و بطن بذاته حجب الذات بالصفات و حجب الصفات بالأفعال، و كشف العلم بالإرادة و أظهر الإرادة بالحركات، و أخفى الصنع و الصنيعة و أظهر الصنعة بالإرادة، فهو باطن في غيبه و ظاهر في حكمته و قدرته لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ.الشورى ١١.
و لـقـد أظـهـر في هذا الكلام من أسرار المعرفة ما لا يظهر إلا من مشكاة فيها مصباح، أمره برفع يد العصمة اللهم فقهه في الدين و علمه التأويل، أنالنا الله تعالى بركاتهم و حشرنا في زمرتهم و حرمتهم آمين.